سوق الشرق الأوسط و غرب آسيا

أنبار آسيا

صناعة الأسمنت في السعودية تواجه أزمة فائض العرض وسط المشاريع الضخمة لرؤية 2030 – فجوة الطلب قد تصل إلى 27 مليون طن بحلول 2028 - تعكس صناعة الأسمنت في المملكة العربية السعودية مشه ...

  1. أنبار آسيا
  2. آخر الأخبار والتحليلات الاقتصادية في غرب آسيا
  3. صناعة الأسمنت في السعودية تواجه أزمة فائض العرض وسط المشاريع الضخمة لرؤية 2030 – فجوة الطلب قد تصل إلى 27 مليون طن بحلول 2028
صناعة الأسمنت في السعودية تواجه أزمة فائض العرض وسط المشاريع الضخمة لرؤية 2030 – فجوة الطلب قد تصل إلى 27 مليون طن بحلول 2028

تعكس صناعة الأسمنت في المملكة العربية السعودية مشهدًا ديناميكيًا ولكنه مليء بالتحديات، يتميز بنمو قوي في السوق المحلية ومراعاة اعتبارات استراتيجية هامة في إطار التحول الاقتصادي المستمر في المملكة. تؤثر مبادرة “رؤية السعودية 2030” بشكل ملحوظ على هذا القطاع من خلال دفع مشاريع البنية التحتية الطموحة مثل “نيوم” و"مشروع البحر الأحمر"، التي من المتوقع أن تعزز بشكل كبير الطلب على مواد البناء في السنوات القادمة. وعلى الرغم من هذه التوقعات الواعدة للطلب، فإن صناعة الأسمنت في السعودية تواجه حاليًا مشكلة فائض العرض المستمر بسبب تجاوز الإنتاج لاحتياجات السوق المحلية، مما يؤدي إلى انخفاض استخدام الطاقة الإنتاجية في القطاع بشكل عام.

في الربع الرابع من عام 2024، شهدت مبيعات الأسمنت في المملكة العربية السعودية زيادة كبيرة بنسبة 12.33% مقارنةً بنفس الفترة من العام الماضي، حيث بلغت المبيعات 14.87 مليون طن، مع احتساب الطلب المحلي 96% من هذه المبيعات. وعلى مدار العام بأكمله، شهدت المبيعات نموًا معتدلًا بنسبة 3.67%، لتصل إلى إجمالي 51.15 مليون طن. ويُظهر هذا النمو القوي اعتماد السوق المحلي بشكل كبير على التوسع في مشاريع البنية التحتية. ومع ذلك، يشير المحللون إلى وجود تباين حاد بين المبيعات الحالية والطلب المتوقع من المشاريع الكبرى المستقبلية، التي قد تدفع الطلب السنوي إلى ما يصل إلى 78 مليون طن. وتوفر هذه التوقعات فرصًا كبيرة لمنتجي الأسمنت، إلا أنها تأتي مع المخاطر المتعلقة بتشبع السوق والحاجة إلى إدارة دقيقة للطاقة الإنتاجية.

توزيع حصص السوق بين منتجي الأسمنت يعكس أيضًا الديناميكيات التنافسية في القطاع. فقد برزت شركة “أسمنت اليمامة” كزعيم للسوق، حيث استحوذت على 12.84% من المبيعات مع زيادة ملحوظة بنسبة 22% على أساس سنوي لتصل إلى 1.83 مليون طن. تلتها شركة “أسمنت القصيم”، التي عززت حصتها السوقية البالغة 11.43% بفضل استحواذها على شركة أسمنت حائل. كما أظهرت الشركات الصغيرة مثل “أسمنت الجوف” نموًا ملحوظًا، حيث شهدت مبيعاتها قفزة بنسبة 38%، رغم أن قاعدة مبيعاتها كانت أصغر.

في جانب الصادرات، بينما تزدهر المبيعات المحلية، تظهر الأنشطة التصديرية تقلبات واضحة. تتصدر شركة “أسمنت السعودية” الشركات من حيث الصادرات، حيث استحوذت على 80.10% من حجم الصادرات في الربع الرابع، وحققت زيادة كبيرة بنسبة 71% في الشحنات. ومع ذلك، انخفضت صادرات الكلينكر بشكل عام بنسبة 28% بسبب الفائض في العرض والتقلبات في الطلب. كما يبرز قطاع إنتاج الكلينكر، الذي شهد زيادة بنسبة 7% في الإنتاج وارتفاع المخزونات، هذه التوازنات المفقودة.

تكاليف الوقود تمثل تحديًا آخر هامًا، خاصة بالنسبة لإنتاج الكلينكر، حيث أن الاستهلاك العالي للطاقة يعزز من تعرض القطاع لتقلبات أسعار الطاقة العالمية. يُشجّع المنتجون على تعديل الأسعار في إطار الحدود التنظيمية للتعويض عن هذه الزيادات. ومع ذلك، فإن المنافسة الشديدة والسوق المشبعة تعقد مثل هذه المناورات، مما يبرز الحاجة إلى استراتيجيات متنوعة.

تشمل الاستراتيجيات للتعامل مع هذه التحديات توسيع الأسواق التصديرية، خاصة إلى إفريقيا وآسيا، واستكشاف تطبيقات مبتكرة للكلينكر في القطاعات المتخصصة. من الضروري أيضًا مواءمة الإنتاج مع الطلب المتوقع لتجنب تراكم المخزون غير الضروري، فضلاً عن تعزيز التعاون مع مطوري المشاريع الكبرى لإنشاء نظرة مستقبلية أكثر دقة للطلب. كما أن التركيز على الكفاءة التشغيلية في ضوء ارتفاع التكاليف، بالإضافة إلى الاستفادة من الدعم الحكومي لاعتماد تقنيات صديقة للبيئة، سيكون أمرًا أساسيًا للحفاظ على الميزة التنافسية.

بالتوازي مع هذه الديناميكيات الصناعية، تُظهر الإصلاحات الاقتصادية الأوسع نطاقًا في المملكة العربية السعودية بموجب رؤية 2030 تقدمًا ملحوظًا، حيث ساهمت الاستثمارات الخاصة المتزايدة وزيادة كفاءة الحكومة في تعزيز مرونة الاقتصاد. كما أن التحول في قطاع الطاقة، خاصة التحول نحو الغاز الطبيعي وتقليل الاعتماد على النفط الخام، يتماشى مع الاتجاهات العالمية نحو الاستدامة ويعكس التوجه الاستراتيجي في الأسواق العالمية. هذه الجهود تُظهر التزام المملكة بإطار اقتصادي متنوع ومستدام.

بالنسبة للمستثمرين والمهتمين بالتجارة العالمية، تشير هذه التطورات إلى سوق مليء بالتحديات والفرص في الوقت ذاته. إن فهم التفاعل بين السياسات الاقتصادية المحلية، والاتجاهات العالمية في الأسواق، ورؤية المملكة الطموحة سيكون أمرًا أساسيًا في التنقل عبر هذا المشهد المتطور. يجب على المستوردين والمصدرين والمستثمرين أن يكونوا على دراية بهذه التحولات للاستفادة من الفرص الناشئة التي تقدمها التحولات الاقتصادية في المملكة العربية السعودية.

المصادر والمراجع لهذه المقالة: